الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
لقاء مفتوح بمخيم الردف
3642 مشاهدة
ثناء الشيخ ابن جبرين على القائمين على مخيم الردف

ثم إنا نشكر الإخوة القائمين على هذا المخيم؛ الذين احتسبوا بأوقاتهم، والذين بذلوا منها ما يكون فيه منفعة وخير لإخوانهم وأولاد إخوانهم الذين يأتون إلى هذه المنتزهات؛ يقصدون بذلك الترفه والتنزهَ ونحو ذلك؛ فحيث إنهم أقاموا هذا المخيم، وعمروه بمجالس الذكر، وبالمحاضرات، وبالأذكار، وبالنصائح، وبالتعليمات، وكذلك أيضا بشيء من التسرية التي يفعلونها لجذب كثير من الشباب إليهم الذين يحبون شيئا من الترفيه عن النفس ونحوه.
وكذلك أيضا المسابقات والنشرات. لا شك أيضا من واجبنا جميعا، وعلينا أن نشجع إخواننا القائمين على ذلك، وأن ندعو لهم بالتوفيق، وأن ندعو الله تعالى أن يثيبهم ويضاعف أجرهم؛ ذلك لأنهم احتسبوا لما رأوا هذه المنتزهات ممتلئة من المتوافدين من كل مكان، وأنهم بحاجة إلى توعيتهم وإلى تعليمهم، قالوا: لا نريد أن تبقى كل هذه المنتزهات أماكن لهو، وأماكن طرب، وأماكن لعب، وأماكن معاصي، وأماكن فساد وإضاعة أوقات؛ بل إذا كان فيها من يذكرهم فربما يأتي هؤلاء هذا اليوم، ويأتي يوم آخرون، وفي اليوم الذي بعده يأتي آخرون، وكل من أتى تنور وتبصر، وتزود ولو بكلمة واحدة؛ تقع في قلبه تسبب هدايته، أو تسبب إقامة الحجة عليه؛ فإذاً هذا من أعمال الخير.
عليكم أن تشجعوهم، وذلك بأن تساعدوهم على أعمالهم؛ فقد يكونون أفرادا قلة لا يستطيعون أن يتجولوا على الأماكن كل ساعة، فإذا كنتم معهم إذا كان العدد الذين يتجولون مثلا مائة أو مائتين كان وقعهم أكثر. هذا يأتي هؤلاء الشباب فينصحهم بكلمة أو بكلمتين، كأن يقول مثلا: ذكر الله أفضل من اللهو، اذكروا الله يذكركم.
أو يقول لآخرين مثلا -كما روي عن يحيى - عليه السلام أنه - قال له الصبيان: هلم فاذهب معنا نلعب. فقال: أيها الصبيان، ما خلقنا للعب. ذكر ذلك ابن كثير عند تفسير قوله تعالى في قصة زكريا وابنه يحيى وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وقوله: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا فهذا تقول مثلا: ما خلقنا للعب. لا تجعلوا وقتكم كله لعبا، الله تعالى ذم اللعب، وذم الدنيا بأنها لهو ولعب، وتوعد الذين يلعبون في حياتهم بقوله تعالى: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ؛ يعني: عابهم الله تعالى بذلك، لا شك أن هذه الكلمة قد تقع منهم موقعا.
وهكذا أيضا إذا مررت بأُناس يلعبون بهذا اللعب اليدوي ذكرتهم، وقلت لهم: إن ذكر الله تعالى أفضل مما أنتم فيه، ألا تجتمعون على ذكر الله؟! هل أنتم قد حفظتم القرآن حتى تتفرغوا لهذا اللعب؟ ابدءوا بحفظ القرآن، ابدءوا بحفظ السنة، هل أنتم قد أتيتم على العلوم كلها؛ حتى تقولوا: إننا قد علمنا، فلا حاجة بنا إلى أن نتعلم؟ ما فاتكم منه أكثر. العلم كثير، فلو أمضيتم فيه أوقاتكم كلها لما قدرتم على أن تحصوا عشر معشار العلوم، فعليكم أن تتوبوا، وتتركوا هذا اللعب.
وهكذا أيضا إذا مررتم بالذين يعملون شيئا من المعاصي فإنكم تذكرونهم، وتبينوا لهم أن هذه المعصية لا بد أن ترى آثارها؛ سواء هذا الدخان، أو هذا النظر إلى النساء –مثلا- كالذين يتتبعون النساء عند دخولهن في هذه المنتزهات، وما أشبهها، تنصح الذين ينظرون إليهن، أو يجتمعون مع النساء وليسوا محارم لهن، أو ما أشبه ذلك. لا شك أن هذا كله مما يجب أن ننصح به إخوتنا؛ لعل ذلك يكون مفيدا ومؤثرا، ولعلكم أن تحظوا بالأجر.
الأجر كبير. تأملوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم رجل واحد يهتدي على يديك إذا دعوته فاستجاب لدعوتك، وكذلك أيضا تأملوا قوله صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله إذا دللته على هذا المكان، أو دللته على مكان آخر فيه ذكر أو فيه علم ففعله كان لك أجر على مثل هذه الدلالة، مثل أجره الذي يعمله؛ فذلك خير كبير، لا يزهد أحدنا في هذا الخير.
ثم نتواصى أن بعدما ينفصل هذا المخيم، أو بعدما نرجع أن نكون -إن شاء الله- قدوة لمن وراءنا، فإن وراءنا في بلادنا آخرين قد يجهلون شيئا مما تعلمناه، وقد يفعلون بعض المعاصي التي عرفنا أنها معاصي؛ فنحمل هذا العلم، ونؤديه إلى من وراءنا، ونعمل بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .
فبلغوا كما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: بلغوا عني ولو آية فأنت إذا حفظت آية من كتاب الله تعالى فذلك خير كثير؛ حيث إنك تتزود تعمل بها، ثم ترشد بها إخوانك الذين يجهلونها. حفظت موعظة، حفظت نصيحة، حفظت دلالة، وحديثا، أو نحو ذلك؛ فأرشد إليه، ولا تكتم الذي آتاك الله تعالى؛ حتى لا تدخل في قول الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وقوله تعالى: وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي : وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ .
نسأل الله عز وجل أن يجزي إخواننا القائمين على هذا المخيم أفضل الجزاء، ونسأله سبحانه أن ينفع بعلومهم، وينفع بجهودهم، ويهدي الأمة الإسلامية للخير، وللعمل به، ونسأله أن يهدي ضال المسلمين، ويرشد غاويهم، ويرد غاويهم إلى الحق ردا جميلا؛ كما نسأله سبحانه أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يصلح أئمة المسلمين وقادتهم، وأن يجعلهم هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد .
الأسئـلة
جزى الله فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين على هذه التوجيهات الفريدة، والوصايا المفيدة،
جــزاك الله عنـا كـل خـير
وأكـرمك بـإعـلاء المقـام
وبلغـك المـنى في دار خـلد
مع الأخيـار من صحب كـرام
.
نأتي أيها الأحبة إلى الأسئلة ليجيب عليها فضيلته.
س: هذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ فضيلة شيخنا المحبوب، أشهد الله، ثم ملائكته، وجميع الناس أني أحبك في الله حبا كثيرا، وسؤالي يا شيخ:
اشتريت أرضا بمبلغ مائة وثمانين ألف ريال، وأقسطها بستة آلاف شهريا؛ علما أنه بقي من مبلغها الكامل ستة وأربعون ألف ريال، ويبقى من راتبي ألفين وثمانمائة ريال، وفي نيتي بيعها، وانتهت سنة كاملة على ذلك، فكم زكاتها أثابكم الله؟ وهل فيها زكاة؟
نقول: أحبك الله، وأحبنا جميعا. ولا نشك -إن شاء الله- أن الجميع من المتحابين في الله، ونرجو ذلك، فنرجو الثواب في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتباذلين فيّ، والمتزاورين فيّ .
سؤالك: هذه الأرض لا زكاة فيها حتى تعرضها للبيع، فإذا بعتها فأخرج منها الدين الذي بقى في ذمتك، وزك ما بقي زكاة سنة واحدة عن مبدأ عرضك لها؛ لكن لو عرضتها، وعزمت على البيع، ومرت عليها سنة فإنك تقدرها، وتخرج زكاتها، لكن تبقي منها مقدار الدين الذي عليك، وكذلك كل سنة مرت عليك بعدما عرضتها وعزمت على بيعها تقدرها وتخرج زكاتها؛ هذا هو الأحوط.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، هل يجوز أن تشترط الزوجة فسخ عقد النكاح إذا تَزَوَّج عليها، أو تُزُوِّج عليها، وهل ملزم ذلك إذا كان الشرط في عقد النكاح؟
إذا شرطت أنه لا يتزوج عليها فلها طلب الفسخ. إذا تزوج فلها الخيار: أن تبقى معه، أو أن تطلب الطلاق. وتملك ذلك، وهكذا الشروط التي بين الزوجين؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج فإذا خالف الشرط فلها طلب الطلاق.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد ظهر في الآونة الأخيرة أناس يحذرون من خطورة مثل هذه المخيمات؛ بحجة أنها بدعة في الدعوة، وكذلك يقولون عن الوعاظ: أنهم قصاصون، فهل من توجيه لنا حول هذا الصنف من الناس أثابكم الله؟
هؤلاء لا شك أنهم هم الخاطئون البعيدون عن الحق، وبعيدون عن الصواب. يشاهدون كثرة المضلين والمضللين في هذه المنتزهات ونحوها ولا ينكرون عليهم. نقول لهم: تعالوا، وهلموا إلى هؤلاء الذين يدعون؛ هذا يدعو إلى اللهو، هذا يدعو إلى اللعب، هذا يدعو إلى البطالة، هذا يدعو إلى الدخان، هذا يدعو إلى الخمور، هذا يدعو إلى المخدرات، هذا يدعو إلى التبرج، فلماذا لا تجاهدونهم؟ ولماذا لا تأمرونهم؟ ولماذا لا تنصحونهم؟ أتتركونهم على هذا وتنكرون على من ينصحهم، وعلى من يحذر منهم، وعلى من يحذر من هذه الملاهي؟!
لا شك أن مثل هؤلاء قد يدخلون في قول الله تعالى: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ لا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الأمة، وأنه من صفات المؤمنين: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر .
فإذا تركنا مثل هذه المنتزهات يظهر فيها البطالة، ويظهر فيها اللهو، ويظهر فيها الشر؛ انتشر الشر وتمكن، فمتى نقدر على تداركه؟ متى نقدر على أن نرد على أولئك العصاة؛ ليكونون كلهم قادة إلى المعاصي والمحرمات -والعياذ بالله تعالى- ويقل الخير، ويقل أهله.
أما بالنسبة إلى هذه المخيمات فلا شك أنها أماكن يجتمع فيها المسلمون، وأن من اجتمع فيها حصل على خير، وليس ذلك بدعة؛ بل هي من الأمور المشروعة، النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته كانوا يتجولون في الأماكن ويدعون؛ يدعونهم في بيوتهم، ويدعونهم في مساجدهم، ويدعونهم –أيضا- في الأسواق، وما أشبهها ولم يزل كذلك القصاص الذين يعظون في المساجد وما أشبهها.
أما القصاص. نعم القصاص هم الوعاظ، فأي عيب تعيبون عليهم؟ القصاص قديما. هناك بعض القصاص والوعاظ يحذر منهم السلف؛ لأنهم كانوا يستعملون أو يوردون أحاديث موضوعة مكذوبة؛ فيقولون: إياكم وأحاديث القصاص، ولكنهم ما نهوا عن مجالستهم، ولا نهوا عن مواعظهم؛ بل يجلسون في مواعظهم ونحوهم، ولكن إذا كان أولئك القصاص غالبهم جهلة، وبالأخص فيما يتعلق بالحديث فإنهم ينقلون أحاديث لا أصل لها ويستدلون بها؛ فلذلك يحذرون من أحاديث القصاص، هكذا يقولون.
فبكل حال لا يُغتر بمثل هؤلاء الذين ينهون عن المعروف ويأمرون بالمنكر، فيتركون المجال للدعاة إلى الفساد والدعاة إلى الشرور، ولا يقومون بشيء من الدعوة إلى الله؛ لا قليلا ولا كثيرا.
كذلك أذكر هاهنا شبهة –أيضا- يلقيها بعضهم فيقولون: إن وسائل الدعوة توقيفية. معنى هذا: أنكم لا تستعملون شيئا من الأمور الجديدة؛ بل اقتصروا على ما كان يستعمله الصحابة ومن بعدهم إلى العهد القريب. لا تستعملوا شيئا من هذه الوسائل، وهذا خطأ، فيقولون مثلا: هذا المكبر بدعة؛ فلا تستعملوه، ولو كان فيه ما كان. يجعلون الوعاظ، ونحوهم، والمذكرين، والمعلمين؛ إما أن يجلس أحدهم في حلقة يُذَكِّر ويعلم، وإما أن يخطب في منبر، وإما أن يكتب نصيحة في ورقة أو ما أشبه ذلك، وهذا قصور أيضا؛ وذلك لأن هذه الوسائل مما يسرها الله سبحانه وتعالى، ومما حصل بها نفع كثير.
فمثلا : هذه الأشرطة مسموعة، أو مرئية فيها خير كثير؛ وذلك لأنها حصل بسببها توبة كثير، ونفع كثير استفادوا بواسطتها؛ فلو قيل: لا تستمعوا إلى هذه الأشرطة، ولا تنظروا إلى هذه الأشرطة؛ أشرطة الفيديو وما أشبهها؛ لفاتنا خير كثير.
وكذلك لو قلنا: لا تستمعوا إلى الإذاعات؛ فإنها بدعة لأنها لم تكن من العهد النبوي لفاتنا خير كثير، واستعملها أهل الضلالة، وأهل البطالة، والمنصرون، والصوفية، ودعاة الشر ونحوهم؛ فلا يغتر بمثل هؤلاء ولا هؤلاء.
س: والدي قبل خمس سنوات تقريبا، وعليه قرض لبنك التنمية العقاري ولم يسدد، وحتى الآن، وأخي هو الذي اقترض من البنك باسم والدي دون علمه بذلك، فهل الدين على والدي، أم على أخي الذي اقترض المبلغ أفيدونا أثابكم الله؟
الدين تحول على الورثة الذين يملكون تلك العمارة؛ وذلك لأن الرهن هو العمارة، فهي رهن لبنك التنمية، فالذين يملكونها هم المخاطبون. الوالد حيث إنه توفي تحول الدين إلى الورثة. عليهم أن يبادروا فأن يسددوا الدين، وذلك وإن كان باسم أبيهم، فإن الأب قد مات وخلف هذه العمارة يبيعوها ويوفوا عنهم، والصحيح أنها برئت ذمة الميت، ويتحمل الدين الأحياء.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، يوجد ببعض المهرجانات في هذا البلد الطائف وحيث إن هناك يوجد ساحر من الجنسية المصرية يحول الطير إلى حيوان آخر، وما إلى ذلك، وينظر إلى ذلك المنكر العظيم بعض النساء والأطفال والرجال، ويضحكون لذلك وتنشرح صدورهم، فما هي نصيحتكم لهذا الأمر العظيم الذي قد يؤدي بصاحبه إلى الهاوية؟
إذا عرف ذلك فالأولى أنه يقتل، كما فعل جندب الخير كان هناك رجل ساحر عند أحد أمراء بني أمية، فكان يمسك رأس إنسان، ويقطعه ثم يرده، فيتعجب الحاضرون ويقولون: يحيي الموتى. فجاء جندب الخير -رضي الله عنه- مشتملا على سيف، ولما حاذاه استعاذ بالله من الشيطان، وقطع رأسه، وقال: أحيي نفسك.
حد الساحر ضربه بالسيف. يرفع في أمره حتى لا يغتر به، وحتى يحكم فيه بالحكم الشرعي.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: أنا أحد الرقاة الذين يرقون بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة، ولي رغبة في أن يكون للرقية مكان مخصص في وقت مخصص؛ علما بأن لي ثلاثة عشرة سنة وأنا أرقي من كتاب الله. فهل لي أن أفتح مكانا للرقية، وآخذ على ذلك أجرة؛ علما بأنني إمام مسجد؟
إذا كنت تستعمل الرقية الشرعية خاصة؛ يعني : الآيات والأحاديث والأدعية فلا بأس بذلك، ولعل الله تعالى أن ينفع بها؛ وذلك لأن فيها مقاومة لأعمال السحرة، وأعمال الكهنة، وكذلك علاج من الصرع ومن المس وما أشبه ذلك. نفع الله بها خلقا كثيرا.
فإذا استأجرت مكانا، وجعلت فيه وقتا محددا؛ فلك أن تأخذ أجرتك بقدر تعبك، وبقدر أجرة هذا المكان، ولكن إياك أن تزيد على الناس بما يثقلهم؛ لأنا سمعنا أن بعض الرقاة يرقي في ماء يشتريه -مثلا- بريال ثم يبيعه بعشرة لمجرد أنه رقى فيه، لو بعته -مثلا- بريالين يعني: إذا اشتريته بريال وبعته بريالين فأنت رابح على ذلك إن شاء الله، وهناك كثيرون يتبرعون بالمياه في الرياض ويعطون هؤلاء كالرقاة الذين يرقون بها مجانا.
س: وهذا سائل يسأل يقول: فضيلة الشيخ: لدي أرض أريد البناء فيها، ولكن وجدت بهذه الأرض لحدا قديما داخل كهف. هل لي أن أنقل عظام الميت إلى قبر آخر، وأستفيد من هذه الأرض؟ أفيدونا أثابكم الله
لا بأس بذلك، إذا كان في كهف -يعني في غار- أو في مكان محفوظ فيه أن تجمع عظامه كلها في كيس وتدفنه مع المقبرة. إذا كنت قد اشتريتها، وتركك لها قد يخل باقتصادك ويضرك.
س: وهذا سائل يسأل يقول: فضيلة الشيخ، . عمرة قبل سنتين تقريبا، وأحرمت من مدينة الطائف وذهبت إلى مكة ولكني لم أنو العمرة أثناء مروري بالميقات عن طريق الهدى، وطفت وسعيت، ثم قصرت شعر رأسي فماذا على أثابكم الله؟
حيث إنك قد أحرمت بالعمرة فإنه لا شيء عليك، ولو لم تنو عند الهدى، أو عند ميقات وادي محرم؛ لأنك نويت قبله.
س: وهذه امرأة تقول: كانت حاملا في الشهر الخامس، وحملت شيئا ثقيلا من الأسفل إلى الأعلى، وثم الأعلى إلى الأسفل، وذلك سبَّب إسقاط الجنين، فهل عليها صيام، أو غير ذلك؟ أفيدونا أثابكم الله
إن كانت تعلم أن هذا الحمل يسقط فعليها الدية، عليها دية هذا الجنين لوالده نحو خمسة آلاف، وإن كانت جاهلة، ولم تتعمد، ولا تدري فلا شيء عليها؛ فالصحيح أنه ليس عليها كفارة؛ لا صياما ولا إطعاما.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: يوجد بجانب مكتب الإفتاء محطة بنزين تقوم بإعطاء كروت للذي يعبي البنزين، فإذا اكتمل عدد الكروت سبعمائة ريال؛ يقوم الزبون بغسيل وتشحيم سيارته مجانا، فما حكم هذه الكروت؟ جزاكم الله خيرا
يفعلون ذلك؛ لأجل أن يتوافد إليهم الناس؛ يعني: يأتوا من أماكن بعيدة، ويحسدون على المحطات الأخرى، فنرى أنك لا تتعامل معهم إلا إذا كان ذلك أنسب لك، إذا كنت تشتري منهم سواء أعطوك هذه الكروت أو لم يعطوها فلا بأس أنك تعبي منهم وتأخذ، وأما الذين يقصدونهم من أماكن بعيدة فنرى أنه لا يجوز لهم، وما ذاك إلا أن فيها ضرر على أهل المحطات الأخرى.
س: وهذا السائل يقول: فضيلة الشيخ، في رمضان العام الماضي أعطاني أحد الجيران مبلغا من المال وهو زكاة، ويريد مني أن أقوم بتوزيعه على الفقراء؛ ولكني احتجت لهذا المال وصرفته، وبعد ذلك قمت بتوزيع نصفه على الفقراء، والباقي عندي إلى الآن، فهل علي إثم في ذلك لهذا المال؟
لا شك أن صاحبه أراد بذلك أن تبادر بإعطائه المساكين في حينه، فأنت أخطأت حيث إنك اقترضه؛ لكن إذا كنت في حاجة شديدة فقد يتسامح معك، وننصحك بأن تبادر وتخرج بقيته.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: كثير من النساء يحرصن على الخير وحضور مثل هذه المحاضرات والدروس، ولهن مكان مستقل في هذا المصلى، ولكن يكون عليهن العذر والحيض، فهل يجوز لهن دخول مصلى العيد هذا، أو يعتزلن مكان الصلاة، أم يقاس على المسجد؟ أفيدونا أثابكم الله
لا بأس بذلك فإنه ليس له حكم المسجد، وليس له حكم المصلى؛ فإنه لا يصلى فيه، وأيضا الأصل أن منع الحائض لأجل مخافة أن تلوث المصلى بما يخرج منها؛ فالعادة أنها تتحفظ في هذه الأزمنة، وليس هذا مصلى دائما، فلا حرج عليها؛ لأن في ذلك فائدة.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، اتفقت مع أصحاب معدات لإنجاز عمل ما، بمبلغ مقطوع، ومتفق عليه بين الطرفين، وبعد إنجاز ربع العمل توقف أصحاب المعدات عن إكمال العمل بحجة قلة المبلغ المتفق عليه وكثرة العمل، فما كان مني إلا أن أتيت بأصحاب معدات غيرهم وأنجزوا العمل بنفس المبلغ، والسؤال: هل أعطي أصحاب المعدات الأولى ما قد أنجزوه؟ أم ماذا؟ وما توجيهكم؟
تحتاج هذه إلى مخاصمة ومرافعة؛ مرافعة عند القاضي ونحوه، الأولى أنهم يترافعون، والقواعد الشرعية تقضي أنهم لا يستحقون شيئا؛ لأنهم إذا التزموا بعمل فلا بد أن يكملوه، فإذا تركوه قبل أن يكملوه فلا يستحقون على ما عملوه شيئا.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: هل يجوز مكالمة الخطيبة في الهاتف، ومراسلتها قبل المِلْكَة؛ رغم أن الخطيبة ربما تكون قريبة له؟
إذا كان قد وثق بأنها موافقة، وأنه وراغب فيها فلا محذور في ذلك؛ ولكن يكون كلاما عاديا، ليس فيه شيء مما يتعلق بالعورات ونحوها.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: لدي بنو عمومة قد اقترحوا صندوقا رأس ماله مائة ألف ريال. يكون بدعم سنوي من كل واحد مبلغ من المال، ويكون هذا الصندوق يدعم من يكون عليه، أو من يصيبه جائحة، أو يتحمل حمالة، أو يصيب دما، والسؤال يا شيخ: هل يكون هذا الصندوق جائزا شرعا، أفيدونا أثابكم الله؟
جائز شرعا؛ لأنه من التعاون على الخير. معروف أن العاقلة يحملون ما على قريبهم من الديات؛ إذا حكم عليه بدية فإنهم يحملونه، فإذا قالوا: نجمع في هذا الصندوق؛ حتى إذا تحمل أحدنا دية دفعناها بدون أن نمشي على كل واحد، ونقول: أعطنا مبلغ كذا وكذا. لا بأس بذلك.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، رجل أتى بعمرة ولم يتحلل، وقام وأتي بطواف الوداع قبل أن يتحلل، فماذا عليه؟
لا شيء عليه، ولكن لا بد من التحلل؛ الذي هو الحلق أو التقصير؛ لأنه نسك، فإذا لبس قبل أن يتحلل -ترك الحلق أو التقصير- فعليه دم؛ لأنه ترك نسكا، وأما إذا تحلل بعدما طاف للوداع فلا شيء عليه.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: هل يجوز أن تكشف أختي من أبي وأمي على عمي أخي أخي أبي؟ وهل أهل الزوجة من الرحم؟
عمك يصير عم أختك، وعمها لا شك أنه من محارمها، فيكون لها أن تسلم عليه، وأن تكشف له. ذكر الله تعالى الأعمام والعمات أنهن من جملة المحارم في قوله تعالى: وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ فهي بنت الأخ. الأقارب الأخوال ونحوهم من ذوي الأرحام؛ كذلك الأعمام وبنوهم من ذوي الأرحام.
س: وهذه سائلة تقول: فضيلة الشيخ: ذهبت لأداء العمرة، وأحرمت من الميقات، ولما وصلت الحرم وأردت أن أطوف جاءتني العادة، فلم أطف ولم أسع، وعدت مع أهلي دون أن أؤدي العمرة، ورجعنا إلى منزلنا، وبعد أربعة أشهر أديت العمرة كاملة، فماذا يجب علي؟ أفيدونا أثابكم الله
إذا كانت اشترطت بأن قالت: إن حبسني حابس فمحلني حيث حبستني فلها عذر، إذا كانت تعني هذا العذر الذي هو الحيض، وأما إذا لم تكن اشترطت فإنها بقيت على إحرامها؛ حيث إنها ما كملت عمرتها، رجعت وهي محرمة، فإن كانت متزوجة ومسها زوجها بطل نسكها، ووجب عليها فدية.
من العلماء من يقول: عليها بدنة. ومنهم من يقول: عليها شاة، وعليها مع ذلك أيضا بقية المحظورات. أما إذا لم تكن متزوجة فعليها المحظورات؛ المحظورات التي تفعلها عادة ثلاث؛ قص الشعر، وتقليم الأظافر، والطيب. عليها لكل واحدة صيام ثلاث أيام، أو إطعام ستة مساكين.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، ما حكم صلاة النساء مع الإمام في هذا المكان؛ مع العلم أنهن لا يرون المصلين ولا الإمام؟
إذا كن محاذين لصفوف المصلين، أو خلفهم فلا بأس بذلك أن يصلوا ولو كانوا لا يرونهم، كما ذكر أن عائشة كانت تصلي في حجرتها بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبينها وبينهم حائط، وأما إذا كانوا أمام المصلين يعني بينهم وبين القبلة فلا تصح صلاتهن.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، زوجتي أنجبت -ولله الحمد- عددا من الأولاد، ولكن في حملها الأخير تتعب أكثر من مرة، وتنومت في المستشفى لارتفاع سكر الحمل، فهل يجوز قطع الحمل؟ أفيدونا أثابكم الله
إذا قرر الأطباء أن عليها ضرر، وأنها لا تتحمل الحمل والوضع بسبب هذا المرض فلا مانع من استعمال الحبوب ونحوها التي تقطع الحمل، وأما إذا كانت تتحمل ولو بشيء من الصعوبة فتصبر على ذلك لقوله تعالى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: ما حكم أكل لحم الضبع فهل هو جائز مع العلم أنه يأكل الجيف؟
في ذلك خلاف؛ الجمهور على أنه لا يؤكل، وأما الإمام أحمد فرخص فيه؛ لأنه ورد فيه حديث، والإمام أحمد عادة يعمل بالحديث ولو خالف كثيرا من القواعد، فنقول: إذا كان محتاجا إلى أكله فلا بأس، وأما إذا كان مستغنيا عنه ويجد ما يأكله من اللحم والطعام فنرى أنه يتنزه عن أكله.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: لدي عمارة في مكة فهل يجوز تأجيرها على الشيعة الرافضة في موسم الحج مثلا أم لا؟
ننصحك أن لا تؤجرها عليهم، ولكن إذا تعطلت، وكنت محتاجا فلا بأس بذلك.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ: لقد توفي والدي منذ ثمانية عشر سنة، ونذرت له أضحية في الحج كل سنة، ثم لحقت به الوالدة قبل ثلاث سنوات، هل يجوز لي أن أشرك الوالدة في هذه الأضحية التي قد نذرتها له؟ أم نشركها في أضحية أهل البيت؟ أفيدونا أثابكم الله
نرى أنك تشركها في أضحية أهل البيت؛ وذلك لأنك ألزمت نفسك أضحية كاملة عن والدك.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، من هم حاضري المسجد الحرام الذين لا يجب عليهم طواف وداع في الحج؟ وهل أهل المغمس منهم؟
هم الذين في داخل الحدود؛ في داخل حدود الحرم، وأما الذين وراء الحدود فإنهم يعتبرون خارج مكة ؛ ولكن في هذه الأزمنة لتقارب الأماكن، أرى أنه حيث اتصلت المنازل، واتصلت البيوت، حتى الذين وراء التنعيم أنهم يعتبرون من أهل مكة ؛ لأنه لا فرق بينهم وبين من هم في داخل بيوت مكة فلا وداع عليهم ولا عمرة عليهم.
- أيها الإخوة، الأسئلة كثيرة، ونظرا لارتباط الشيخ -حفظه الله- في مخيم آخر، وتقديرا لظروفه وارتباطه؛ فإننا نعتذر عن إيراد بعض الأسئلة، وننبه أيها الأحبة على أن السحب على الجوائز سيكون بعد الصلاة، ونقدم منهم خمسة أرقام من الآن -إن شاء الله- قبل الإقامة والبقية يكون بعد الصلاة. -
س: وهذا السؤال الأخير: يقول فيه السائل: فضيلة الشيخ، ما حكم الإيداع في البنك الأهلي حيث كثرت الأقوال في ذلك؟ أفتونا أثابكم الله.
يجوز للحاجة إذا احتاج، ولم يجد مصرفا يودع فيه جاز له ذلك؛ سيما إذا كان فيه قسم -كما يقولون- قسم، أو فرع إسلامي فلعل ذلك جائز، وأما إذا وجدت غيره من البنوك الإسلامية، أو المصارف الإسلامية فالبنوك تتعامل بالربا، والذي يتعامل معها كأنه يعتبر مساعدا لهم، والله تعالى يقول: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ .